بعد ايام قليلة من خروج حزب الاستقلال من الحكومة المغربية، و الذي كان من بين أسبابه مخطط الحكومة الحالية الرامي إلى الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية، المخطط الذي قوبل بمواجهة قوية من زعيم الاستقلال حميد شباط الذي عبر عن رفضه مخطط حكومة بنكيران الزيادة في الأسعار جملة وتفصيلا بمقولته الشهيرة "الزيادة في الأسعار خط احمر"، في الوقت الذي نفى فيه بنكيران تصريحات شباط واعتبرها مزايدات سياسية.
يرصد المواطن المغربي منذ قيادة بنكيران للحكومة الحالية وجود زيادة في أسعار عدد من المواد الغذائية الأساسية، ومواد الاستهلاك اليومي خصوصا بعد الزيادة في ثمن المحروقات البنزين والغازوال و الفيول الصناعي، ومباشرة بعد صدور هذا القرار الذي اعتبره الكثيرون مفاجئا و اعتباطيا، خاصة انه أتى بشكل انفرادي و أحادي و ما رافقه بشكل مباشر من زيادة في أسعار جل السلع الغير مفوترة و على رأسها الخضر و الفواكه، كما ازداد ثمن النقل العمومي و ثقل كاهل الأسر الفقيرة و المتوسطة.
يبدو أن حكومة عبد الإله بنكيران ماضية في تنفيذ تهديدات العديد من أعضائها، والذين تحدثوا عن زيادات في الأسعار مباشرة بعد شهر رمضان، والبداية كانت يوم أمس الخميس 15 غشت مع مادة الحليب ومشتقاته وبالضبط منتوجات مركز الحليب، وهكذا إنتقل سعر علبة نصف لتر من حليب "سنطرال" من 3 دراهم و30 سنتيم إلى 3 دراهم و50 سنتيما بزيادة 20 سنتيما، وازداد سعر علبة الحليب "ساليم" نصف لتر بـ 40 سنتيم و اللتر بـ 60 سنتيما مرة واحدة.
الزيادة المذكورة لم تكن لتمر بسلام بل قوبلت بالرفض والملاسنات بين الزبائن وتجار التجزئة النهائية للمستهلك الذي وقع في حيرة، وهو ما يعكس واقع جيوب المواطنين المنهوكة أصلا جراء لهيب الأسعار وانخفاض الأجور الغير محتملة لأية زيادات.
الزيادة في الأسعار انعكست على المواقع الاجتماعية وخصوصا "الفايسبوك" الذي أصبح مرآة المجتمع المغربي الذي يعبر فيه بكل صراحة عن ما يضره و ما يقلقه فذهب بعضهم لإنشاء صفحات اجتماعية للاحتجاج، ورفعت إحدى هذه الصفحات عنوانا لها: "معاً ضد الزيادة في أسعار الحليب" وأطلقت أخرى حملة "ما شاريينش" وهي دعوة لمقاطعة منتجات شركة مركز الحليب.
ومن المرتقب أن تعود الزيادة في أسعار الخبز إلى واجهة الحديث في الأيام القليلة المقبلة بضغط من أرباب المخابز والمطاحن بعد الإعلان عن اعتماد نظام المقايسة بالنسبة للمحروقات والسكر ومسايرة أسعارها في الأسواق الدولية، كمرحلة أو مدخل لإطلاق برنامج الإصلاح الذي يهم صندوق المقاصة.
إن الزيادة في المحروقات و الحليب ما هي إلا مقدمة لموجة رفع أسعار ستطال قطاعات المواطنين كافة، سياسات زيادة الأسعار التي يعتزم بنكيران الاستمرار فيها إلى أن يرى المواطن المغربي يبيع متاع بيته ليشتري قوت يومه، هي جريمة بحق المواطنين وجزءًا من مسلسل الفساد وسرقة أموال الشعب لصالح مؤسسة الفاسدين الذين يعتبرون الشعب والوطن بقرة حلوب.
في المقابل يرى اقتصاديون أن هذه السياسات البنكيرانية ستزيد من كلفة الإصلاح وأن الحلول التي تلجأ لها الحكومة هي بمثابة "ترقيع" لا يعالج أصل المشكلة، وان المطلوب وضع خطة للسنوات المقبلة لمعالجة العجز المتفاقم في الموازنة بدل الرغبة في إصلاحه على حساب جيوب المواطنين، خصوصا وان المغرب لا يعاني من أي مشاكل اقتصادية، وإنما من أخطاء في تسيير إدارة المالية العامة التي أدت لتفاقم العجز والمديونية.