abdelaadim-
أعادت انتفاضة حزب الحركة الشعبية ضد حزب التقدم والاشتراكية بالبرلمان الحديث واسعا عن مسالة الانسجام الحكومي في التشكيلة الحكومية السابقة والآتية .
وقد تفاجأ المتتبعون للشأن السياسي المغربي لانقلاب حزب الحركة الشعبية ضد ما تقتضيه مسألة الانسجام الحكومي خاصة في هاته الفترة الحساسة من عمر الحكومة المغربية التي يحاول فيها رئيسها البحث عن حزب جديد لسد الشرخ الكبير الذي سببه انسحاب حزب الاستقلال.
ويرى المحللون السياسيون أن كل المؤشرات أصبحت تؤكد وجود انقسام داخل الأحزاب المشكلة للحكومة فبينما يتوجس نبيل بنعبد الله خيفة من إبعاد حزبه أو إبعاده هو شخصيا من الحكومة جاءته الطعنة من حزبين مشاركين في الحكومة لإسقاطة من لائحة الفرق البرلمانية بمجلس النواب.
وإذا نحن تفهمنا موقف حزب الاستقلال الذي يجمع حقائبه في اتجاه رحلة المعارضة فإن موقف الحركة الشعبية ينبئ بما سيواجهه عبد الإله بنكيران سواء أثناء ترميم أغلبيته او أثناء تسيير حكومته المقبلة.
وإذا كان الحقوقي أحمد الحرزني قد توقع تشتت الأغلبية لاحقا وخروج التجمع الوطني لللأحرار من التشكيلة الحكومية في ظرف لن يتجاوز 8 اشهر فإن العديد من المحللين السياسيين اهتموا بتكوين حزبي الأحرار والحركة الشعبية للجان انتخابية قبل الأوان.
فاهتمام حزبي الأحرار والحركة الشعبية بتنظيماتهما الانتخابية يعني استباقا استراتيجيا لما يمكن أن تسفر عته مشاورات بنكيران الحالية او ما يمكن ان ينتج عن زواجه العرفي بحزب التجمع الوطني للأحرار أي ان الانقسام قادم لا محالة إن لم يكن غدا فهو بعد غد.
ويبدوا ان عبد الإلاه بنكيران الذي ضرب عرض الحائط بمصداقية خطبه السياسية أثناء انتقاداه الشديد لحزب التجمع الوطني للأحرار، وفضل أن يلعب قواعد المتاهة السياسية التي طالما لعبها سابقوه، أصبح واعيا كل الوعي بصعوبة مهماته سواء في تشكيل الحكومة او خلق انسجام بين مختلف مكوناتها.
فالحركة الشعبية تطالب بإنصافها عبر إعادة هيكلة الحكومة وإدماج المندوبيات على شكل كتابات عامة بالوزارات وبعض قادة حزب الحركة أصبحوا في عجلة من امرهم للوصول إلى الاستوزار وخاصة رئيس الفريق الحركي محمد مبديع الذي يطالب بمراجعة قواعد اللعبة .
وشروط التجمع الوطني للأحرار التي لن تستكمل إلا بعد اجتماع مجلسه الوطني يوم الجمعة 2 غشت سوف لن يسهل هضمها من طرف فريق بنكيران الذي يهيء نفسه لمواجهة شرسة اتجاه جهات معلومة وأخرى غير معلومة.
ويبدو من خلال كل المعطيات المتوفرة أن عقارب الساعة السياسية والحكومية أصبحت تتجه نحو تعديل دستوري للفصل 47 او نحو انتخابات سابقة لأوانها إن لم يكن خلال الاسابيع القليلة القادمة فسيكون خلال بضعة اشهر قليلة.
وما يؤكد هذه التوجه أن حكومة عبد الإله بنكيران التي تكتسب شرعيتها من الدستور الجديد ومن نتائج الانتخابات تواجه عراقيل ديمقراطية كثيرة كونها قد تصبح غير مقبولة من طرف أحزاب الأغلبية التي يتشكل منها مجلس النواب وهي قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في هذه المطبة.
ليس هذا فحسب، بل إن الشارع المغربي إذا ما تحرك من خلال ما سمي بحركة "تمرد" وتبين حسن تنظيمه، فسوف تواجه حكومة بنكيران معارضة لم تكن تتوقعها سابقا ، ذلك ان حزب العدالة والتنمية ظل يفتخر دائما بقوة تواجده في الشارع المغربي وإذا ما سحب هذا البساط من تحته فسيكون مطالبا بمراجعة كل حساباته السياسية والاجتماعية.
والحالة هذه فمشاورات بنكيران لتشكيل حكومته او خلق انسجام بين أعضاء فريقه تشبه إلى حد كبير وضع من غنى عنه عبد الحليم حافظ في قصيد نزار قباني "قارئة الفنجان":
ستفتش عنها يا ولدي في كل مكان وستسأل عنها موج البحر وتسأل فيروز الشطئان
وتجوب بحارآ وبحارا وستفيض دموعك أنهارا وسيكبر حزنك حتى يصبح أشجارآ أشجار
وسترجع يومآ يا ولدي مهزومآ مكسور الوجدان
وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان !!!