تراجع "تمرد" المغربية.. خوف من المجهول أم درء لـ"الفضيحة"؟
عندما طرحت هسبريس، منذ أسابيع، سؤالها حول حركة "تمرد.. قهرتونا" و قدرتها على انتاج السيناريو المصري، بصيغة مغربية، لم يكن أحد من المتتبعين يظن أن الخلاف السياسي، بين جماعة الإخوان المسلمين و أصحاب "خارطة الطريق" بقيادة القوات المسلحة المصرية، سيأخذ هذا المنحى التراجيدي و سيفتح هذه الصفحة من الصراع المخطوطة بذم و دم و دخان.
أرقام سبقت التأجيل
في استطلاع رأي هسبريس، الذي شارك فيه 41366 من الزوار، قال أزيد من 36 ألف مشارك أن حركة "تمرد" في صيغتها المغربية لا تستطيع إعادة إنتاج السيناريو المصري أي أن 88.05 % من رواد الجريدة الالكترونية رأوا أن الدعوة للإحتجاج في الشارع يوم السبت 17 غشت لن تستطيع إسقاط حكومة عبد الاله بنكيران و لا حل البرلمان كمطلبين رئيسين الى جانب عدد من النقاط المطلبية التي دبجها أعضاء الحركة في أرضيتهم.
9,21% رأوا في هذه الدعوة للنزول الى الشارع و دعاتها شرارة لإعادة ما حدث في أرض الكنانة في الشارع المغربي حيث أجاب 3809 مشارك ب"نعم" على سؤال الاستطلاع بينما وقف أقل من 3 بالمائة من المستجوبين في نقطة الحياد حيث اختار 1134 من الزوار "لا أدري" خانة للتأشير.
مع التطورات المؤسفة التي شهدتها قاهرة المعز و انتشار اللهيب الذي مس عددا من المدن المصرية بدا السؤال يُطرح حول قدرة الحركة على إقناع الناس للخروج و استعمال الفضاء العام وسيلة للتدافع السياسي.
لم يتأخر الجواب فقد جاء رد "تمرد" المغربية على بعد أقل من يوم من تاريخ خروجها قائلة، على لسان عبد المنعم الكدام، في تصريح لهسبريس، أنها أجلت المسيرة و إنّ التأجيل جاء لكون السياق الإقليمي يفرض التريث، إذ لا يمكن المغامرة بالنزول إلى الشارع، في ظل ما يشهده عدد من دول المنطقة، خاصّة ما يجري في مصر وسوريا، مضيفا "كنا نتوقع أن تستغل جهات ما المسيرة التي كنا قد دعونا إليها، لتكرار نفس السيناريو الذي وقع في مصر، لذلك ارتأينا تأجيلها إلى موعد آخر، وهذا ليس خوفا منّا، بل هو رُشد، وتصرف العقلاء".
خوف من المجهول؟
هل هو ضعف في التعبئة و افتضاح أمر الحركة أمام انعدام تأثيرها في الناس كما يقول بعض الملاحظين أم خوف من المجهول كما برر الداعون للخروج؟
رشيد مقران، الباحث في الحركات الاجتماعية بكلية كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، جامعة محمد الخامس بالرباط، يتفاعل مع السؤال معتبرا أن غلبة كلمة "لا" بنسبة (88.23 %) في السؤال الاستطلاعي الذي قامت به هسبريس، مرده كون الاحداث التي تعرفها البلدان التي عرفت تغييرات راديكالية كتونس ومصر .. أحداث خوفت المغاربة من حالة العنف التي تشهدها البلدان المذكورة.
التجربة المصرية والمغربية، حسب الباحث، تعرف عدة إختلافات جوهرية منها أن مصر شهدت ثورة ضد نظام حسني مبارك، وأفضت لوصول أول رئيس مدني منتخب، غير منتم للمؤسسة العسكرية، فالتغييرات التي شهدتها مصر، يقول مقران، كانت مؤثرة على مصالح الجيش فكان التحرك بإزاحة مرسي من طرف نفس المؤسسة المسنودة بدور المعارضة القوي خصوصاً جبهة الإنقاذ.
المغرب يقدم تجربة مختلفة، يقول الباحث في شؤون الحركة الاجتماعية، مع وجود حالة من التناغم بين تجربة حزب العدالة والتنمية والمؤسسة الملكية و تحديد الصلاحيات، عكس تجربة مصر التي "شهدنا فيها رئيسا منتخبا بصلاحيات قوية" وبالتالي تجربة "تمرد قهرتونا" لم تعرف نفس السياق الذي ظهرت فيه حركة تمرد المصرية، يضيف المستجوب، "فالحركة في نسختها المغربية ظهرت بعد النجاح النوعي الذي حققته حركة تمرد في مصر، ولا ننسى أن حركة 20 فبراير لازالت حاضرة في الساحة السياسية المغربية" يختم المتحدث".
كائنات إفتراضية!
علاقة بالموضوع و في بيان، توصلت هسبريس بنسخة منه، قالت حركة "صامدون"، التي خرجت من رحم الفايسبوك يوم 21 يوليوز الماضي، أنها قررت توقيف أنشطتها، التي كان عنوانها الكبير هو الخروج في مظاهرة مساندة للحكومة الحالية يوم 20 غشت الجاري، و السبب هو "انحصار وتقزم حجم الشرذمة التي كانت تدعو لإسقاط حكومة بنكيران والانقلاب على صناديق الاقتراع"، في إشارة إلى حركة "تمرد" المغربية، مضيفة بالقول "أنهم أصبحوا مجرد حركات افتراضية على الفايسبوك، وخلف الحواسيب فقط".
"مجرد حركات افتراضية على الفايسبوك" صفة يرى فيها المتعاطفون مع "تمرد قهرتونا" خاصية لصيقة بداعمي الحكومة حيث علق أحدهم ساخرا "من الصعب أن نجد مغربيا في الشارع يدافع عن بنكيران خارج قلة من حوارييه الذين اتخدوا من الفايسبوك خندقا للدفاع عن الباطل".