هل سيفلح "الاستقلال" في قيادة المعارضة بعد انسحابه من الحكومة؟
بعد خروج "الاستقلال" رسميا من حكومة عبد الاله بنكيران، أضحى حزب حميد شباط أكبر حزب معارض في المغرب، بعد أن مارس سياسته الرافضة للأداء الحكومي داخل الأغلبية، وانجلت الضبابية عن المشهد السياسي بالمغرب، لتتضح معالم الكتلة المعارضة لحكومة طالما عانت من تشويش أحد أطرافها.
اليوم اتضحت الصور جيدا، ولم يعد المنطق السياسي يقبل بوجود حزب معارض داخل الحكومة، لتطرح معها الأسئلة حول مدى قدرة حزب الاستقلال على سوغ أسلوب جديد داخل المعارضة التي اصطف إلى جنابها بعد سنوات من التسيير الحكومي، وهل سيضخ "الاستقلال" دماءً جديدة في جسد المعارضة التي يوصف أدائها بالفتور والضعف، في حين هل سيتقوى حميد شباط، النقابي قبل أن يكون السياسي، بشعبويته للاستحواذ على المشهد السياسي، بعد أن وجد مكانه الطبيعي إلى جانب الأحزاب المعارضة.
"الاستقلال" دخل معارضة ضعيفة
يرى المحلل السياسي، محمد ضريف، أن المعارضة بشكل عام كانت تعرف نوعا من الفتور والضعف منذ تشكيل الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، لعدة أسباب، أهمها، وجود أحزاب معارضة، بالرغم من قوة خطابها، إلا أن صورتها ارتبطت في أذهان المغاربة بالدولة العميقة، وفقا لمنظور حزب العدالة والتنمية، كحالة حزب الأصالة والمعاصرة.
هناك أيضا أحزاب وجدت صعوبة في التكيف مع النفس المعارض، بعد قضاءها لسنوات في الحكومة، يضيف ضريف في تصريح لهسبريس، وهي حالة كل من حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
ويشير محمد ضريف، أن ما يبرر ضعف أداء المعارضة في الوقت الراهن أيضا، هو انتظار أحزابها للحصيلة الحكومية حتى تمارس دورها في مراقبة أداء الأغلبية، وهو ما كانت تعلنه أحزاب المعارضة منذ بداية تشكيل حكومة بنكيران.
الاستقلال مارس المعارضة داخل الأغلبية
منذ تولي حميد شباط قيادة حزب الاستقلال، بات الأخير يجسد صوت المعارضة داخل الحكومة، ولم تقتصر تلك المعارضة على الأحزاب التقليدية خارج أسوار الأغلبية؛ حيث بدا ذلك واضحا وعمليا بعد توجيه شباط لعدة ملاحظات حول الأداء الحكومي بشكل علني، ووضع الحزب لمذكرة التعديل الحكومي بين يدي عبد الاله بنكيران يوم 3 يناير من السنة الماضية.
ويوضح محمد ضريف أن حزب الاستقلال بات الحزب المعارض رقم واحد في المغرب، رغم تواجده داخل الأغلبية، وأصبحت وسائل الإعلام منشغلة بالصراع بين الأغلبية فيما بينها.
"الاستقلال" أكبر حزب معارض بالمغرب
من وجهة نظر ضريف، فإن المعارضة ستنتعش من جديد بعد انسحاب "الاستقلال" من الأغلبية، لاعتبار أن الحزب مارس عمليا المعارضة من داخل الحكومة، لافتا الانتباه إلى أن الحزب سيقود المعارضة باعتباره "الحزب المعارض" الحاصل على أكبر عدد من المقاعد، إبان انتخابات 25 نونبر 2011.
وأضاف الأكاديمي المغربي، أن حزب شباط سيسعى إلى إحياء الكتلة الديمقراطية من داخل المعارضة، إلى جانب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، باستثناء "التقدم والاشتراكية" الذي يساند حزب العدالة والتنمية داخل الحكومة؛ هذا السيناريو يقول عنه ضريف إنه سيعيد الاعتبار للمعارضة ويفضي إلى خلق توازنات في المشهد السياسي بالمغرب.
ويقول محمد ضريف إن "الاستقلال" يتوفر على الوسائل ذاتها التي يمتلكها حزب العدالة والتنمية، تمكنه من قيادة معارضة قوية أمام حكومة عبد الاله بنكيران، أبرزها "الخطاب شعبوي"، الذي يتقنه حميد شباط، على حد تعبير ضريف، مضيفا أن زعيم حزب الاستقلال لن يترك المجال أمام بنكيران لممارسة شعوبيته "وسيزاحمه وينافسه على هذه الشعبوية".
ويردف المحلل السياسي، أن لـ"الاستقلال" قدرة على التعبئة، مستدلا في ذلك بالحشود التي استطاع حميد شباط، الأمين العام للاتحاد العام للشغالين، الدراع النقابي لحزب الاستقلال، أن يقنعها بالحضور للاحتفال بذكرى فاتح ماي هذه السنة؛ وهي "مزايا" يرى محمد ضريف أن من شأنها أن تعيد التوزان "الذي كان مختلا" بين المعارضة والأغلبية.